عزمي عبد الرازق يكتب
وسط مشاهد بائسة، احتضنت قاعة كنياتا في نيروبي اليوم أكبر تجمع للشفّافة والأرزقية، جاء بهم الكفيل لخدمة مشروعه الاستعماري. بدأ المؤتمر بهتاف هزيل ومضحك: “يعيش أب كيعان النزّح الكيزان”، في مشهد يعكس فرحتهم بتشريد ملايين السودانيين من بيوتهم ومزارعهم.
تعالت صيحات الهياج من قبل إبراهيم الميرغني، مبروك سليم، التعايشي، وتراجي عند سماع اسم المجرم دقلو، قائد مجازر القطينة، الهلالية، والسريحة. وبلغ المؤتمر ذروة المفارقة بعرض فيلم وثائقي عن خطورة البندقية، في حضور الحلو، الطاهر حجر، وبقية المرتزقة وتجار الحروب. أما السخرية الأكبر، فكانت في استخدام موسيقى محمد وردي والعطبراوي كخلفية لفيلم يتحدث عن القضاء على دولة 1956، وهي ذات الأغاني التي ولدت من رحم حقبة ثرية بالجمال.
عموماً، هذا المؤتمر لم يكن سوى حفلة سياسية، كغيره من الفقاقيع التي أنتجها المؤلف، الذي وقف سابقاً خلف تجمعات المعارضة وفعالياتها الموغلة في العمالة، ثم وجد نفسه اليوم خلف مليشيا مهزومة عسكرياً وأخلاقياً. وربما الفائدة الوحيدة من هذا الحدث، أنه سيوفر المزيد من تذاكر السفر، الإقامة في الفنادق، والنثريات لعشرات العاطلين عن العمل، الذين لا يملكون مهنة ولا موهبة في هذه الحياة.